جديد جديد

الثلاثاء، 19 يوليو 2016

محاولات طرد الحزن بالزار رؤية نقدية في ديوان الزار للشاعرة / سلوى محمود بقلم جابر الزهيري عضو اتحاد كتاب مصر











محاولات طرد الحزن بالزار
رؤية نقدية في ديوان الزار للشاعرة / سلوى محمود
بقلم
جابر الزهيري
عضو اتحاد كتاب مصر


   حالة متفردة هي المشاعر المحاطة بسياج من الشجن ‘ و إن لم ينعكس على المفردات في أغلب القصائد و لكنه بين السطور باديا بجلاء رغم محاولات الشاعرة إخفاء بعض ملامحه بحنكة الدارسة للغة فلا تخطئفي وزن و لا تعاندها مفردة قسارت في طريقها الذي أراه يحوي أضلاع مثلث تسلم كل نقطة فيه للأخري
الأم الراحلة / الابنة الملتاعة بالفقد / الحفيدة التي تخشي عليها الابنة من ما تحمله من شجن
و رأس المثلث و محور ارتكازه و مفتاح الديوان هو الأم ( قمر ) و في وجهة نظري أن بداية قراءة الديوان تكون من قصيدة ( يا قمر ـ رثاء الأم )  و ما بها من حاله الفقد و الشجن المصاح للابنة و ما يتمثله الفقد من ملامح بيانية و لغوية و جرس موسيقي كأنها ترسم بالحرف لوحة موكب جنائزى تمتزجها ( اللوحة ) موسيقى بحر الرمل ( فاعلاتن )لتقيم طقوس المشهد كاملة في دخول للحالة دون مقدمات

انتي متي مرة واحدة
و كل يوم بلقاني اموووووووووووووووت
و العمر مش عايز يفوت
نفسي اشوفك مرة تانية
لو لثانية


و تسترسل في مفرداتها في وصف حالها بعد رحيل الام في حالة تعتقد انها قد أثرت على ايمانها إلى أن تصل بعد تطوافها الطويل إلى نفس البداية


حزن جوا القلب علّم
مش مسلّم
إن انتي متى
يا قمر

ثم تؤكد في نص آخر مرارة الفقد و حالة الوحدة التي تعانيها مستعينا عقلها بالتراث ( ما يحسش بالنار الا اللي كابشها ) فتقول من تفعيلة مستفعلن في قصيدة  ( المعني الحقيقي للفراق )

ليه الفراق ما حد عارف يوصفه
جايز ما حدش جره أو يعرفه
غيري أنا !!!!

و تحاول عبر قصيدتها تأكيد حالة الحزن و الفقد المتفردة لديها دون كل ما ذاقوا نفس الاحساس
و تتجول بمشاعر الضلع الثاني في المثلث ( الابنة المكلومة ) عبر ايقاعات تفاعيل مختلفة و مفردات تكونها حروف الثلاثية الموازية  الفقد / الحزن / الخوف
و ذلك في قصائد ( وحشتيني ) و ( خلاص يا بيت ) و يا شدتي  و الموت و غيرها لتصل الي اليأس في قصيدة انتحار يائس و لعبة الذكاء و ربما دون قصد تمارس شاعريتها دورها فنجد مفاعيلن تفعيلة الهزج ذلك البحر المبهج يتحول لايقاع حزين

أنا لوحدي
حياتي سراب
و مش عندي
صحاب ع الباب
و لا أحباب
و اكون كداب
لو اتوقع
شموس تسطع لاحزاني


ثم نجد التقاء الضلع الثالث ( الحفيدة ) و مشاعر الابنة التي تحولت هنا لأم و مدي الحوف و تدفق العاطفة نحو الابنة التي ربما تصل الى تلك المشاعر
فنجدها في سنة حياة ليست الابنة المكلومة بفقد الام و لكنها مشاعر الام الكبري في يوم زفافها هي تتذكرها ثم تترجمها لابنتها كضلع يوصل بين الجدة و الحفيدة

و شفتها
عروسة لايقة بحسنها
مين قدها
و انا كنت واقف جنها
و الذكريات بتجيب حاجات
و تشيل حاجات
فات وقتها

هنا أستطيع التأكيد على كون الاحساس هنا للجدة من هذا المقطع لان ذكرى الحزن لم يفت وقتها و لن

ايضا نجد في باقي النصوص نزعة الخوف تتملكها فتتحدث عن خريف أربعينية رغم كون الابعين هو سن بلوغ الاشد و مرحلة اول النضج الجسدي و العقلي و النفسي و لكنها تراه خريفا  و رغم ما تحمله من مشاعر تحسها نحو الحبيب و ذلك ما يبدو لنا في اول ما افتتحت به الديوان ( لما اشوفك )  تتحول ايضا في سد الحنك إلى الراغبة في الحوار لكسر بشاعة الصمت الذي يذكرها بالموت وفهي في الغزل كما تريد و تقول مزاجية و لكنها مزاجية الخوف
فتبث الامن لنفسها القلقة فتقول

انا نور عيونه المشتاقين
انا جملته بين القوسين
انا ضحكة بترن بحياته
أنا حلمه ...ذاته
أنا بسمته .... طول سكته
أنا ذكرياته

فهو الامان لها و محور ارتكازها بعد ما عانت الفقد فتقيم له التعويذة الرائعة التي تطلق عليها الاهداء

كل ذلك الشعور تمنحه للنفس القلقة لتستريح من الم ثلاثية الفقد فلا تجد الا ما يعتقده العامة من تصاريف الجن بالبشر فتقيم ( الزار ) رغم عدم اقتناعها الذي يحاول رسم بسماتها من تلك الكوميديا في قصيدة الديوان

      و أستطيع القول بعد تجوالي بين سطور الديوان أننا أمام شاعرة مدركة لكل حروفها تمتلك زمام القصيدة فلا اسهاب و لا اطناب مع خصوصية المفردات التي تمزجها بحالتها الشعورية
مبارك للشعر بالشاعرة و للشاعرة بالديوان
و في انتظار المزيد من ابداعاتها الراقية


جابر الزهيري
عضو اتحاد كتاب مصر
عضو رابطة الادب الاسلامي العالمية