على غير عادته استيقظ من قبل أن يفزعه صوت المنبه الموضوع بجواره على الوسادة
،
جلس على سريره و نظر إلى ساعة الحائط المواجهة له ؛ وجد أن الوقت لازال
مبكراً ، حاول الاسترخاء مرة أخرى ؛ لكن ما انتابه من خفقان قلبه منعه من ذلك . ابتسم
متذكراً كيف كان يزداد ذلك الخفقان عندما يقترب موعد لقائه بها ؛ وكأن قلبه يستشعر
وقع خطواتها و هي في طريقها إليه عندما كانت تحضر إلى مكتبه في العمل الذي جمعهما سوياً
منذ عشر سنوات
كانت وقتها في العشرين من عمرها ، تمتلك قدراً كبيراً من الذكاء و اللباقة
وكذلك الجمال ؛ و تلك اللثغة التي تمنح صوتها رونقاً خاصاً
جذبت انتباهه إليها من أول تعارف ، ثم أدركت من خلال حديث عينيه إعجابه
بها ؛ لما كان يعتريه من توتر و محاولاته ألا تصطدم عيناه بعينيها خلال اللقاء
بادلته الإعجاب بمثله لما يتمتع به منت شخصية قوية حنونة في نفس الوقت
، و كذلك لخلقه الطيب ؛ حتى أعلنت القلوب مولد زهرة جديدة في بستان الحب
قام من سريره تقوده خطاه إلي جهاز التسجيل ، و تناول من جانبه علبة هدايا
أنيقة ، أخرج من داخلها شريط للمطربة نجاة ، و بطاقة معايدة ؛ قرأ مبتسماً
ـ كل سنه و انت طيب ...... عقبال ميت سنه سلوى
وضع الشريط داخل الجهاز ، و أدار زر التشغيل ؛ ليغمر شدو نجاة أركان الحجرة
ـ أنا باستناك و عيني شمعة سهرانه في ليلة حب
عاد إلي سريره ، و توسد ذراعه سابحاً مع الأغنية في بحور الذكريات ، نظر
إلي بطاقة المعايدة ، تنهّد متذكراً آخر لقاء بينهما عندما حضرت إلي مكتبه مودعة إياه
ـ سامحني ..غصب عني أهلي بيضغطوا عليّ بكل الطرق .... بيقولوا إن الطريق
قدامك لسه طويل و أنا كل يوم بيعدي بيقربني من الـ .....
تركته مهرولة و الدموع تغرق خديها
اعتدل في جلسته على السرير ، وتناول علبة سجائره و ولاعته الذهبية ؛ أشعل
سيجارة نفث في رخانها بعضاً من آلام قلبه المكلوم؛ نظر في المرآة ؛ لاحظ بعض الشعيرات
البيضاء التي بدأت في السطوع في مفرقه
تزايد خفقان قلبه بطريقة سريعة و متوالية
دق جرس الهاتف ، توجه إليه ، رفع السماعة ، قال بصوت تحشرجت حروفه
ـ ألو
ـ كل سنه و انت طيب ..... عقبال ميت سنه
أنهت المكالمة قبل أن يحا ول الرد ، كانت هي بصوتها العذب الذي تعشّقته
أذناه
توجه إلى النتيجة ، نزع ورقة ، مندهشاً قال
ـ فعلاً النهارده عيد ميلادي
تملكه إحساس امتزج فيه الفرح مع الأسى ، عاد إلى حجرة نومه ، كانت الأغنية
لازالت تغرد
ـ و قلب حرير شايل لك مطرحك في القلب
............
جابر الزهيري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق